حلمها أن تصبح أول موديل لقصيرات القامة
بعد إلقائها بالحجارة والمياه.. «نسمة» تتحدى التنمر بـ «فوتوسيشن»
دائمًا ما كانت تهرب من الصور العائلية، فلا تتذكر يومًا أنها ارتضت أن يلتقط لها أحد صورة بالطول تُظهرها في كامل هيئتها، والفضل لهذا يعود لأيام طفولتها التي ظلت تفاصيلها عالقة في ذاكراتها، فلم تنس يومًا نظرات الصغار لها وضحكاتهم وهم يقذفونها بالماء والحجارة، ويسخرون منها كونها من بين "قصار القامة".
بكاء وحزن وعزلة ظل يلازمها طيلة فترة دراستها بالمدرسة، سرعان ما حولته ابنة المنصورة لتحدي وحلم، فاليوم ترحب بسيشن تصوير محطمة ذاك الحاجز داخلها، وتحلم بأن تكون أول موديل أزياء لقصيرات القامة في مصر، باحثة عن نقاط القوة داخلها التي تميزها عن غيرها، بعدما قررت أن تلقي بكل الذكريات السلبية وراء ظهرها.
روت نسمة توفيق يحيى، صاحبة الـ 20 ربيعًا، قصتها لـ (مصر العربية) مع أول سيشن تقدم عليه واحدة من قصيرات القامة، وتحدثت عن حلمها بأن تكون عارضة الأزياء الأولى للأقزام.
"105 سنتيمترًا هو طول "نسمة" الآن" بتلك العبارة استهلت الفتاة العشرينية حديثها إلينا حيث اخبرتنا أن بداية قصتها ترجع ليوم التحاقها بالمدرسة في المرحلة الإبتدائية، حيث تقول: بمجرد أنا وطأت قدمي أرض المدرسة، فوجئت بنظرات من هم في مثل عمري تتتبعني، بل إنهم اعتادوا منذ اليوم الأول على رشي بالمياه وإلقاء "الطوب" نحوي، لم اعلم السبب الحقيقي حينها، فلم يدرك عقلي الصغير أنهم كانوا يسخرون من قصر قامتي..بل إنني لم انتبه من الأساس لهذا"؛
"ماما هما ليه بيعملوا كده؟"؛ سؤالٌ قررت الإبنة الغارقة في دموعها أن تسأله لأمها علها تجد عندها الإجابة، فكانت الأم سرعان تردد على مسامعها: "عشان هم تعبانين..هم تعبانين"؛ تقول نسمة: كلمات أمي هذه كانت تشعرني أنهم يفعلون ذلك لأن لديهم هم مشكلة وليس القصور عندي، فتمدني بالثقة بالنفس وتنتشلني من أفكاري واكتئابي.
لم تكن المرحلة الإعدادية أو الثانوية أفضل حالًا؛ فكانت دقات قلب الطالبة المدرسية قصيرة القامة، تتسارع كلما اجبرتها الظروف على الاتقاء بطلاب جُدد ولسان حالها يقول لها: "هل سيتعاملون معي بطريقة لائقة، ولا يتهكمون على هيئتي كغيرهم؟"، ولكن الاجابة سرعان ما تجدها حاضرة في عيون من حولها لها ومن خلال تعاملتهم معها، فهي لم تنس ذاك اليوم الذي ذهبت فيه لإحدى المراكز التعليمية في المرحلة الثانوية، لتفاجئ عند دخولها القاعة بصراخ وكلمات ساخرة من جانب إحدى الطالبات ممن هم في مثل عمرها بمجرد رؤيتها.
تقول "نسمة": هكذا كان الحال طيلة فترة تواجدي في المدرسة، فدائمًا ما كان ينظر إلي من حولي على أنني كائن غريب عنهم، لم أكن أكترث مع الوقت لكلماتهم ونظراتهم رغم أنها كانت تؤذيني بالتأكيد، ليس هم فقط بل المارة في الشارع ايضًا.
وتابعت: رهبة التعامل مع البشر زادت داخلي فكنت اخشى السير بمفردي، ولكنها سرعان ما تبددت بعد التحاقي بالجامعة كلية التربية، قسم اعلام، في مسقط رأسي بالمنصورة، حيث وجدت المعاملة مغايرة تمامًا بل كانت الطالبات والدكاترة والمسئولين في الجامعة يقبلون على الحديث معي بود شديد، والجميع غمروني بالحب.
ذات يوم تقدم لطلب يدها شخص قصير القامة ايضًا ولكنه كان في بلد آخر فطلب صورًة لها، إلا إنها رفضت، وكل محاولات من حولها لتصويرها صورة تظهر كامل هيئتها بالطول بائت بالفشل، قائلة: "أنا في مرة اتصورت صورة وكان باين فيها طولي محبتش نفسي خالص، وقلت الناس لها حق تتريئ، ومن ساعتها قلت مستحيل حد يصورني صورة بالطول"..ولكنهم في النهاية تمكنوا من التقاط صورة سريعة لها.
وفي يوم عرض عليها مصور زميل لها في النادي أن يقوم بعمل فوتوسيشن لها، وحينما سألته عن السبب: أخبرها أنه يريد عمل شئ مميز، وافقت "نسمة" واحبت نفسها كثيرًا في تلك الصور وتشاركتها عبر صفحتها، وكانت المفاجأة ردود الفعل عليها.
تحلم "نسمة" أن تصبح "أول موديل لأزياء قصيرات القامة"، حيث تقول: قررت اشوف نقط القوة فيا اللي مش عند حد وابدأ اشتغل عليها، كما أننا نحن قصيرات القامة من الصعوبة الشديدة أن نجد أزياء لنا، فأنا جميع ملابسي تفصيل.